الشيطان نفسه

كنت أدرك أن المودة التي يظهرها لي هؤلاء بإفراط زائد، إن هـي إلا ذلك الوجه الآخـر للعملة ذاتها. وأعتقد أنها تضمـر كـرها متخفيا وتلميحا مضمـر الـريبة خلف تلك الابتسامات المصطنعة.وكنت أستمتع بذلك حقا. بل كثيرا ما كنت أحقن ريبتهم بمزيد من الشــك، تماما مثلما تفعل الأمصـــــال. أبدي ارتباكا مفتعلا، أو أنتقل فجأة وبلا مناسبة إلى للا. وهذه حقنة تقوي مناعة هؤلاء ضد ابتلاع حقيقة أني موضوع آخر مبدياً حرجا مض قطون في مطب تظاهري الكاذب وتقيتي الخادعة. لســــــــــت يهوديا بالفعل. فيس أعترف أن كل ذلك لم يكن يهمني أصلا لأن أي هوية كانت ستشكل عبئاً علي. وأن يعتقد الناس أني يهودي أو مسيحي أو مسلم، أو حتى أنني الشيطان نفسه، فذلك آخر ما يمكن أن يشغل بالي. ذلك أنني منذ لا أدري كم من السنين، أي منذ أصبحت ” بن”صرت أومن بيقين أشـد أن معتقدات الناس هي شـأن من شـؤون الله التي لا يجب على أي كان أن يتطاول عليها، كما لا يتطاول الله نفسه على بعض أمور الناس التي يعتبرها شأنا بشرياً خالصاً. فهو لا يجازيك ولا يعاقبك إذا تناولت شــايا في مقهى الحي. كما لا يهمه أن تُخرج القمامة في أنت وحدك ما دمت الساعة التاسعة ليلا أو بعدها بساعتين. فذلك في النهاية شأن يهمك ، تستمتع بالشاي وتخرج القمامة قبل مرور شاحنة البلدية. إن الله لا يحشر أنفه في شايك ولا في قمامتك، على خلاف مخاليقه الذين لا يســـــتنكفون عن حشر أنوفهم في مؤخرتك.